شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
باب متى يصح سماع الصغير
باب متى يصح سماع الصغير؟
قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس اسم> قال: حدثني مالك اسم> عن ابن شهاب اسم> عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة اسم> عن عبد الله بن عباس اسم> قال: رسم> أقبلت راكبا على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بمنى اسم> إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي متن_ح> رسم> .
هذه قصة تتعلق بسترة المصلي أو المرور بين يدي المصلي، ابن عباس اسم> استدل بها على إقرار الصحابة له، إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- له، ومحلها في كتاب الصلاة، وفي سترة المصلي، وفيما يقطع الصلاة، حيث ذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في منى اسم> وكان يصلي بأصحابه إحدى الصلوات الخمس، ولم يكن أمامه جدار لكنه عادة كان يأخذ أمامه حربة تسمى العنزة يجعلها سترة له ويكتفي بها.
يصلي إلى جدار فلم يكن يصلي إلى جدار يستره، يقول ابن عباس اسم> إنه مر وكان راكبا على حمار أتان -يعني أنثى- ولما مر بين يدي الصف نزل ودخل في الصف وأرسل الأتان ترتع، ولم ينكر ذلك عليه أحد من المصلين؛ استدل به على أن مرور الحمار لا يقطع الصلاة، ولكن يظهر أنه كان بعيدا أعني: بينه وبين الصف نحو ثلاثة أمتار، أو أربعة وأطلق أنه مر بين يديهم، فهذا هو الأقرب.
وأيضا بوب عليه البخاري اسم> في موضع آخر بقوله: باب سترة الإمام سترة لمن خلفه؛ يعني: كأن الإمام لما كان يصلي إلى سترة وإن لم تكن جدارا لكنه حجر أو عنزة أو نحو ذلك صار ذلك سترة لمن خلفه، والكلام على هذا محله كتاب الصلاة.
قال: حدثني محمد بن يوسف اسم> قال: حدثنا أبو مسهر اسم> قال: حدثني محمد بن حرب اسم> حدثني الزبيدي اسم> عن الزهري اسم> عن محمود بن الربيع اسم> قال: رسم> عقلت من النبي -صلى الله عليه وسلم- مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو متن_ح> رسم> .
كأنه أراد بإيراد هذا الحديث تحديد سن التحمل فابن عباس اسم> يقول في حديثه: أنه قد ناهز الاحتلام، كان ابن عباس اسم> عندما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- عمره ثلاث عشرة سنة؛ لأنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين فيكون ثلاث سنين قبل الهجرة وعشر سنين بعد الهجرة فيكون عمره عند موت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث عشرة سنة، ومع ذلك فإنه حفظ عنه وروى عنه أحاديث مباشرة يعني نقلها عنه.
ومن ذلك هذه القصة قصة أنه مر بين يدي المصلي على تلك الأتان، ومثله هذا الحديث عن محمود بن الربيع اسم> أحد أولاد الصحابة، ما يعدونه من الصحابة يعني الذين حملوا الأحاديث، ولكن ذكر أنه عقل النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر أنه عقل من النبي -صلى الله عليه وسلم- مجة مجها في وجهه من دلو كان أو من بئر كانت لهم؛ فمعناه أنه يعد صحابيا لأنه عقل ذلك مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمره خمس سنين، فدل ذلك على أن من حفظ شيئا ولو كان عمره صغيرا أنه تقبل روايته، وأنه يصح تحمله.
وكذلك أيضا الحسن بن علي اسم> -رضي الله عنه- روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مات النبي -صلى الله عله سلم- وعمره سبع سنين ومع ذلك قد حفظ مثل حديث: رسم> دع ما يريبك إلى ما لا يريبك متن_ح> رسم> وحديث القنوت: رسم> اللهم اهدني فيمن هديت. متن_ح> رسم> ومع ذلك قبلت روايته؛ لأنه حدث بذلك بعدما عقل وبعدما أدرك وبلغ وكلف فقبلت روايته، فما تحمله الصغير وأداه وهو صغير قبل سن التكليف لا يوثق به، ولكن إذا حمله وهو صغير وأداه بعدما عقل وبلغ وكلف قبل منه، ومثله الشهادة إذا أدرك شيئا وهو صغير قبل التكليف ثم أدى الشهادة بعدما كلف قبلت شهادته وبطريق الأولى أن تقبل روايته.
كان كثير من العلماء إذا بلغ الطفل عندهم خمس سنين أحضروه مجالس العلماء، وأمروه بأن يكتب لهم سماعا أن يكتبوا له أنه حضر معهم وسمع فيقرءون مثلا في المجلس صحيح البخاري كله ثم يكتبون الذين سمعوه من أوله إلى آخره، قد يكون بعضهم ابن خمس سنين أو ست سنين يقولون: سمعه فلان وفلان وفلان حتى يعدوا الأطفال؛ لأنهم سوف يروونه بذلك الإسناد فيكتبون سماع الصغير إذا كان يعقل، أما إذا كان لا يعقل فإنهم لا يكتبونه كونه يعقل إذا كان يحفظ فهذا محمود بن الربيع اسم> حفظ وعمره خمس سنين.
مسألة>